كثيرا ما تسمع الأمهات من أطفالهن عبارة أنا زهقان مش عارف أعمل إيه.. ورغم بساطة هذه العبارة إلا أنها تحمل كثيرا من المسئوليات التي يلقي بها الصغار علي كاهل أمهاتهم وخاصة العاملات منهن، واللاتي يتكبدن مشاق العمل صيفا وشتاء والمسئولات عن الترفيه عنهم بعد ذلك خاصة في الأجازات، ومن هنا يكمن السؤال الصعب وهو: كيف تستطيع الأم الترفيه عن أطفالها دون أن تتكبد المزيد من العناء؟
د. سولاف أبو الفتح الحمراوي، ود.حنان عبده يوسف غنيم، المدرستان بقسم العلوم الأساسية بكلية رياض الأطفال جامعة الأسكندرية تؤكدان في بحثهما -متاحف الأطفال بين الواقع والمأمول- أن المتاحف في معظم دول العالم تعد منبرا للثقافة والعلم والفن علي مر العصور، وهي وسيلة من وسائل الإتصال التعليمية والثقافية التي تقدم للزائر خبرة وفيرة من المعلومات والأفكار والقيم العلمية والفنية والجمالية.
ويعد متحف الطفل المعمل الذي يستطيع فيه الطفل الصغيرإشباع إهتماماته الطبيعية بالفنون والعلوم والجمال والإبداع، وقد تبني مجلس المتاحف العالمية فكرة متاحف الأطفال عام1948، وتم إفتتاح أول متحف للأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية والعالم عام1899 ببروكلين بنيويورك وكان الهدف منه جلب السعادة للأطفال ومنحهم مكانا يكون بإمكانهم فيه إشباع إهتماماتهم وتوسيع مداركهم في جوانب المعرفة المختلفة، أما ثاني متحف للأطفال في العالم فهو متحف بوسطن والذي تم افتتاحه عام1913، أما أكبر متحف في العالم فهو متحف أنديانا بوليس والذي شيد عام1925، وفي عام1974 افتتح متحف أمستردام بهولندا، أعقبه متحف فرنسا المسمي بأتيليه الأطفال بباريس والذي أفتتح عام1977، أما في مصر فقد تم إنشاء متحف الطفل عام1985 في حي مصر الجديدة بالقاهرة علي مساحة1200 متر مربع وقد شارك في بنائه خبراء من جميع أنحاء العالم وتم افتتاحه عام1996 وتم تجديده وفتحة مرة أخري هذا الصيف.
ولتعريف الطفل المصري بهويته وتاريخ أجداده تم إنشاء متحف الأطفال بالمتحف المصري بوسط القاهرة عام2009، وتهدف جميع هذه المتاحف مصلحة الأطفال في المقام الأول، حيث تساعدهم علي إكتساب الحقائق والخبرات والمهارات التي لاتتحقق لهم خارجها من خلال التعلم التلقائي واللعب الحر، وتحقيق التعلم من خلال الإستكشاف وتقديم بيئة مشجعة، كما يعمل علي تحقيق المتعة والتسلية وشغل أوقات الفراغ خاصة في الأجازات الصيفية.
المتاحف الإفتراضية.. هي الأحدث!
ومع التقدم التكنولوجي السريع الذي حدث في ميدان الكمبيوتر، ظهر مايسمي بالمتاحف الإفتراضية والتي تقدم للأطفال المعلومات الرقمية بصورة تتلاءم مع قدراتهم واحتياجاتهم عن طريق الإستكشاف وعرض مصادر متعددة غنية بالمعلومات، يتعلم الطفل من خلالها تعلما ذاتيا مما يتيح لهم فرص الاطلاع علي المتاحف الأخري في كل دول العالم دون أن يضطروا للذهاب إليها، ويستخدم المتحف الإفتراضي أسلوبين الأول هو لعرض مقتنيات متحف حقيقي موجود في الواقع ويتم التعليق عليها من خلال مقالات أو عبارات تكتب بجانبها، والثاني لعرض مقتنيات وصور إفتراضية تخيلية، أي لاوجود لهذا المتحف علي أرض الواقع، فيقوم بإفتراض مجموعة من الصور والتقنيات ويعلق عليها، مثال ذلك متحف الديناصورات الذي يعرض مجموعة من الصور يعود زمنها لوقت بعيد ويدرج تحت كل صورة معلومات عنها ويصاحب بعضها لقطات فيديو، والطريف أن تقسيم هذا المتحف الافتراضي يشبه إلي حد كبير المتحف الحقيقي، ومؤخرا شهدت القاهرة إفتتاح أول متحف افتراضي نظمته منظمة متاحف بلا حدود الدولية والمجلس الأعلي للآثار في مصر، ويسعي هذا المتحف العالمي التخيلي إلي إجتذاب زواره عبر تقديمه لوحات فنية إسلامية لنحو ثلاثة قرون بدءا من التاريخ الإسلامي.
ولأهمية المتاحف الواقعية والإفتراضية في حياة أطفالنا واعتبارها مصدرا أساسيا لزيادة معلوماتهم التاريخية والجغرافية والفنية والأدبية والعلمية، ولأنها المصدر لتعليمهم الرسمي وغير الرسمي، تؤكد الدراسة ضرورة تدريب متخصصين تكون لديهم القدرة علي الإنتاج التربوي والفني للمحتوي المتحفي الاكتروني أو الإفتراضي، وإنشاء أطر تعاونية بالمؤسسات التعليمية يمكن من خلالها فتح بوابات متحفية تكون نوافذ للعديد من المتاحف الإفتراضية التعليمية الأخري في العالم علي غرار المتاحف الكندية والإسترالية والبريطانية، وزيادة عدد متاحف الأطفال الإفتراضية في مصر لخدمة الأطفال، مع ضرورة تفعيل ركن المتحف بالروضات، وتخصيص ميزانيات للرحلات والزيارات المتحفية الواقعية والتي تتناسب مع أعمارهم، علي أن تتبني قصور الثقافة فكرة المتحف المتنقل أو الحقيبة المتحفية لتصل للأطفال في أماكن تجمعهم في النوادي والحدائق والشواطيء في هذه الأجازة الصيفية الطويلة.
الكاتب: سعدية شعيب.
المصدر: جريدة الأهرام المصرية.